سورة الفتح - تفسير تفسير ابن عطية

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الفتح)


        


لما بالغ عز وجل في عتب هؤلاء المتخلفين من القبائل المجاورة للمدينة لجهينة ومزينة وغفار وأسلم وأشجع، عقب ذلك بأن عذر أهل الأعذار من العرج والعمى والمرض جملة ورفع الحرج عنهم والضيق والمأثم، وهذا حكم هؤلاء المعاذير في كل جهاد إلى يوم القيامة، إلا أن يحزب حازب في حضرة ما، فالفرض متوجه بحسب الوسع، ومع ارتفاع الحرج فجائز لهم الغزو وأجرهم فيه مضاعف، لأن الأعرج أحرى الناس بالصبر وأن لا يفر، وقد غزا ابن أم مكتوم، وكان يمسك الراية في بعض حروب القادسية، وقد خرج النسائي هذا المعنى وذكر ابن أم مكتوم رحمه الله.
وقرأ الجمهور من القراء: {يدخله} بالياء. وقرأ ابن عامر ونافع وأبو جعفر والأعرج والحسن وشيبة وقتادة: {ندخله} بالنون، وكذلك نعذبه ويعذبه.
وقوله تعالى: {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة} تشريف وإعلام برضاه عنهم حين البيعة، وبهذا سميت بيعة الرضوان. والرضى بمعنى الإرادة، فهو صفة ذات. ومن جعل {إذ} مسببة بمعنى لأنهم بايعوا تحت الشجرة، جاز أن يجعل {رضي} بمعنى إظهار النعم عليهم بسبب بيعتهم، فالرضى على هذا صفة فعل، وقد تقدم القول في المبايعة ومعناها.
وكان سبب هذه المبايعة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يبعث إلى مكة رجلاً يبين على قريش أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يريد حرباً، وإنما جاء معتمراً، فبعث إليهم خراش بن أمية الخزاعي وحمله على جمل يقال له الثعلب، فلما كلمهم، عقروا الجمل، وأرادوا قتل خراش، فمنعه الأحابيش، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأراد بعث عمر بن الخطاب، فقال له عمر: يا رسول الله أنا قد علمت فظاظتي على قريش وهم يبغضونني، وليس هناك من بني عدي بن كعب من يحميني، ولكن ابعث عثمان بن عفان، فبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذهب فلقيه أبان بن سعيد بن العاصي، فنزل عن دابته فحمله عليها وأجاره، حتى إذا جاء قريشاً فأخبرهم، فقالوا له: إن شئت يا عثمان أن تطوف بالبيت فطف، وأما دخولكم علينا فلا سبيل إليه، فقال عثمان: ما كنت لأطوف به حتى يطوف به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم إن بني سعيد بن العاصي حبسوا عثمان على جهة المبرة، فأبطأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت الحديبية من مكة على عشرة أميال، فصرخ صارخ من عسكر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحمى رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون، وقالوا: لا نبرح إن كان هذا حتى نلقى القوم، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البيعة، ونادى مناديه: أيها الناس، البيعة البيعة، نزل روح القدس، فما تخلف عن البيعة أحد ممن شهد الحديبية إلا الجد بن قيس المنافق، وحينئذ جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على يده وقال:
«هذه يد لعثمان، وهي خير من يد عثمان ثم جاء عثمان بعد ذلك سالماً».
و {الشجرة} سمرة كانت هنالك، ذهبت بعد سنين، فمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه في خلافته فاختلف أصحابه في موضعها، فقال عمر سيروا هذا التكلف.
وقوله تعالى: {فعلم ما في قلوبهم} قال قوم معناه: من كراهة البيعة على الموت ونحوه وهذا ضعيف، فيه مذمة للصحابة. وقال الطبري ومنذر بن سعيد معناه: من الإيمان وصحته والحب في الدين والحرص عليه، وهذا قول حسن، لكنه من كانت هذه حاله فلا يحتاج إلى نزول ما يسكنه، أما أنه يحتمل أن يجازى ب {السكينة} والفتح القريب والمغانم.
وقال آخرون معناه: من الهم بالانصراف عن المشركين والأنفة في ذلك على نحو ما خاطب فيه عمر وغيره، وهذا تأويل حسن يترتب معه نزول {السكينة} والتعريض بالفتح القريب. و{السكينة} هنا تقرير قلوبهم وتذليلها لقبول أمر الله تعالى والصبر له.
وقرأ الناس: {وأثابهم} قال هارون وقد قرئت: {وأتابهم} بالتاء بنقطتين والفتح القريب: خيبر، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف بالمؤمنين إلى المدينة وقد وعده الله بخيبر وخرج إليها لم يلبث، قال أبو جعفر النحاس، وقد قيل: الفتح القريب: فتح مكة، والمغانم الكثيرة: فتح خيبر.
وقرأ يعقوب في رواية رويس: {تأخذونها} على مخاطبتهم بالتاء من فوق. وقرأ الجمهور: {يأخذونها} على الغيبة.
واختلف في عدة المبايعين فقيل: ألف وخمسمائة، قاله قتادة، وقيل: وأربعمائة قاله جابر بن عبد الله، وقيل: وخمسمائة وخمسة وعشرون، قاله ابن عباس، وقيل: وثلاثمائة قاله ابن أبي أوفى، وقيل غير هذا مما ذكرناه من قبل، وأول من بايع في ذلك رجل من بني أسد يقال له أبو سنان بن وهب قاله الشعبي.


قوله تعالى: {وعدكم الله} الآية مخاطبة للمؤمنين ووعد بجميع المغانم التي أخذها المسلمون ويأخذونها إلى يوم القيامة، قاله مجاهد وغيره.
وقوله: {فعجل لكم هذه} يريد خيبر، وقال زيد بن أسلم وابنه، المغانم الكثيرة: خيبر، و: {هذه} إشارة إلى البيعة والتخلص من أمر قريش، وقاله ابن عباس: وقوله {وكف أيدي الناس عنكم} يريد من ولي عورة المدينة بعد خروج النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين منها، وذلك أنه كان من أحياء العرب ومن اليهود من يعادي وكانت قد أمكنتهم فرصة فكفهم الله عن ذراري المسلمين وأموالهم، وهذه للمؤمنين العلامة على أن الله ينصرهم ويلطف لهم، قاله قتادة. وحكى الثعلبي أنه قال: كف الله غطفان ومن معها عن النبي صلى الله عليه وسلم حين جاؤوا لنصر أهل خيبر، وذكره النقاش وقال الثعلبي أيضاً عن بعضهم إنه أراد كف قريش.
وقوله: {وأخرى لم تقدروا عليها} قال عبد الله بن عباس: الإشارة إلى بلاد فارس والروم. وقال الضحاك: الإشارة إلى خيبر. وقال قتادة والحسن: الإشارة إلى مكة، وهذا هو القول الذي يتسق معه المعنى ويتأيد.
وقوله: {قد أحاط الله بها} معناه بالقدرة والقهر لأهلها، أي قد سبق في علمه ذلك وظهر فيها أنهم لم يقدروا عليها.
وقوله: {ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار} إشارة إلى قريش ومن والاها في تلك السنة، قاله قتادة، وفي هذا تقوية لنفوس المؤمنين، وقال بعض المفسرين: أراد الروم وفارس.
قال القاضي أبو محمد: وهذا ضعيف، وإنما الإشارة إلى العدو الأحضر.
وقوله: {سنة الله} إشارة إلى وقعة بدر، وقيل إشارة إلى عادة الله من نصر الأنبياء قديماً، ونصب {سنة} على المصدر، ويجوز الرفع ولم يقرأ به.
وقوله تعالى: {وهو الذي كف أيديهم} الآية، روي في سببها أن قريشاً جمعت جماعة من فتيانها وجعلوهم مع عكرمة بن أبي جهل وخرجوا يطلبون غرة في عسكر رسول الله صلى الله عليه وسلم، واختلف الناس في عدد هؤلاء اختلافاً متفاوتاً، فلذلك اختصرته فلما أحس بهم المسلمون بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في أثرهم خالد بن الوليد وسماه حينئذ سيف الله في جملة من المسلمين، ففروا أمامهم حتى أدخلوهم بيوت مكة وأسروا منهم جملة، فسيقوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن عليهم وأطلقهم، فهذا هو أن كف الله أيديهم عن المسلمين بالرعب وكف أيدي المسلمين عنهم بالنهي في بيوت مكة وغيرها وذلك هو بطن مكة. وقال قتادة: أسر النبي الله صلى الله عليه وسلم هذه الجملة بالحديبية عند عسكره ومن عليهم، وذلك هو بطن مكة. قال النقاش: الحرام كله {مكة}، والظفر عليهم هو أسر من أسر منهم، وباقي الآية تحريض على العمل الصالح، لأن من استشعر أن الله يبصر عمله أصلحه.
وقرأ الجمهور من القراء: {بما تعملون} بالتاء على الخطاب. وقرأ أبو عمرو وحده: {بما يعملون} بالياء على ذكر الكفار وتهددهم.


يريد بقوله تعالى: {هم الذين كفروا} أهل مكة الذين تقدم ذكرهم. وقوله {وصدوكم عن المسجد الحرام} هو منعهم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من العمرة عام الحديبية، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من المدينة في ذي القعدة سنة ست من الهجرة يريد العمرة وتعظيم البيت، وخرج معه بمائة بدنة، قاله النقاش، وقيل بسبعين، قاله المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم، فلما دنا من مكة، قال أهل مكة هذا محمد الذي قد حاربنا وقتل فينا، يريد أن يدخل مكة مراغمة لنا، والله لا تركناه حتى نموت دون ذلك، فاجتمعموا لحربه، واستنجدوا بقبائل من العرب وهم الأحابيش وبعثوا فغوروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم المياه التي تقرب من مكة، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل على بئر الحديبية، وحينئذ وضع سهمه في الماء فجرى غمراً حتى كفى الجيش، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى مكة عثمان، وبعث أهل مكة إليه رجالاً منهم: عروة بن مسعود، وبديل بن ورقاء، وتوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم هناك أياماً حتى سفر سهيل بن عمرو، وبه انعقد الصلح على أن ينصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم ويعتمر من العام القادم، فهذا كان صدهم إياه وهو مستوعب في كتب السير، فلذلك اختصرناه.
وقرأ الجمهور: {والهدْي} بسكون الدال.. وقرأ الأعرج والحسن بن أبي الحسن: {والهدِيّ} بكسر الدال وشد الياء، وهما لغتان، وهو معطوف على الضمير في قوله: {وصدوكم} أي وصدوا الهدي. و: {معكوفاً} حال، ومعناه: محبوساً، تقول: عكفت الرجل عن حاجته إذا حبسته، وقد قال أبو علي: إن عكف لا يعرفه متعدياً، وحكى ابن سيده وغيره: تعديه، وهذا العكف الذي وقع للهدي كان من قبل المشركين بصدهم، ومن قبل المسلمين لرؤيتهم ونظرهم في أمرهم فحبسوا هديهم. و{أن} في قوله: {أن يبلغ} يحتمل أن يعمل فيها الصد، كأنه قال: وصدوا الهدي كراهة أن أو عن أن، ويحتمل أن يعمل فيها العكف فتكون مفعولاً من أجله، أي الهدي المحبوس لأجل {أن يبلغ محله}، و{محله} مكة.
وذكر الله تعالى العلة في أن صرف المسلمين ولم يمكنهم من دخول مكة في تلك الوجهة، وهو أنه كان بمكة مؤمنون ومن رجال ونساء خفي إيمانهم، فلو استباح المسلمون بيضتها أهلكوا أولئك المؤمنين. قال قتادة: فدفع الله عن المشركين ببركة أولئك المؤمنين، وقد يدفع بالمؤمنين عن الكفار.
وقوله تعالى: {لم تعلموهم} صفة للمذكورين. وقوله: {أن تطؤوهم} يحتمل أن تكون {أن} بدلاً من {رجال}، كأنه قال: ولولا قوم مؤمنون أن تطؤوهم، أي لولا وطئكم قوماً مؤمنين، فهو على هذا في موضع رفع، ويحتمل أن تكون في موضع نصب بدلاً من الضمير في قوله: {لم تعلموهم} كأنه قال: لم تعلموا وطأهم أنه وطء المؤمنين، والوطء هنا: الإهلاك بالسيف وغيره على وجه التشبيه، ومنه قول الشاعر [زهير]: [الكامل]
ووطئتنا وطئاً على حنق *** وطء المقيد ثابت الهرم
ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم اشدد وطأتك على مضر» ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم «إن آخر وطأة الرب يوم وج بالطائف» لأنها كانت آخر وقعة للنبي صلى الله عليه وسلم، فيها ذكر هذا المعنى النقاش: والمعرة السوء والمكروه اللاصق، مأخوذ من العر والعرة وهي الجرب الصعب اللازم. واختلف الناس في تعيين هذه المعرة، فقال ابن زيد: هي المأثم وقال ابن إسحاق: هي الدية.
قال القاضي أبو محمد: وهذان ضعيفان، لأنه لا إثم ولا دية في قتل مؤمن مستور الإيمان من أهل الحرب.
وقال الطبري حكاه الثعلبي: هي الكفارة. وقال منذر: المعرة: أن يعيبهم الكفار ويقولوا قتلوا أهل دينهم. وقال بعض المفسرين: هي الملام والقول في ذلك، وتألم النفس منه في باقي الزمن.
قال القاضي أبو محمد: وهذه أقوال حسان. وجواب {لولا} محذوف تقديره: لمكناكم من دخول مكة وأيدناكم عليهم.
وقرأ الأعمش: {فتنالكم منه معرة}.
واللام في قوله: {ليدخل} يحتمل أن يتعلق بمحذوف من القول، تقديره: لولا هؤلاء لدخلتم مكة، لكن شرفنا هؤلاء المؤمنين بأن رحمناهم ودفعنا بسببهم عن مكة {ليدخل الله}: أي ليبين للناظر أن الله تعالى يدخل من يشاء في رحمته، أو ليقع دخولهم في رحمة الله ودفعه عنهم، ويحتمل أن تتعلق بالإيمان المتقدم الذكر، فكأنه قال: ولولا قوم مؤمنون آمنوا ليدخل الله من يشاء في رحمته، وهذا مذكور، لكنه ضعيف، لأن قوله: {من يشاء} يضعف هذا التأويل.
ثم قال تعالى: {لو تزيلوا} أي لو ذهبوا عن مكة، تقول: أزلت زيداً عن موضعه إزالة، أي أذهبته، وليس هذا الفعل من زال يزول، وقد قيل هو منه.
وقرأ أبو حيوة وقتادة: بألف بعد الزاي، أي {لو تزايلوا}، أي ذهب هؤلاء عن هؤلاء وهؤلاء عن هؤلاء.
وقوله: {منهم} لبيان الجنس إذا كان الضمير في {تزيلوا} للجميع من المؤمنين والكافرين وقال النحاس: وقد قيل إن قوله: {ولولا رجال مؤمنون} الآية. يريد من في أصلاب الكافرين من سيؤمن في غابر الدهر، وحكاه الثعلبي والنقاش عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعاً. والعامل في قوله: {إذ جعل} قوله: {لعذبنا} ويحتمل أن يكون المعنى: أذكر إذ جعلنا.
و: {الحمية} التي جعلوها هي حمية أهل مكة في الصد، قال الزهري: وحمية سهيل ومن شاهد عقد الصلح في أن منعوا أن يكتب بسم الله الرحمن الرحيم، ولجوا حتى كتب باسمك اللهم، وكذلك منعوا أن يثبت: هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله. ولجوا حتى قال صلى الله عليه وسلم لعلي: «امح واكتب» هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله الحديث وجعلها تعالى حمية جاهلية، لأنها كانت بغير حجة وفي غير موضعها، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لو جاءهم محارباً لعذرهم في حميتهم، وإنما جاء معظماً للبيت لا يريد حرباً، فكانت حميتهم جاهلية صرفاً. والسكينة هي الطمأنينة إلى أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم والثقة بوعد الله والطاعة وزوال الأنفة التي لحقت عمر وغيره.
و: {كلمة التقوى} قال الجمهور: هي لا إله إلا الله، وروي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقال عطاء بن أبي رباح: هي لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. وقال أبو هريرة وعطاء الخراساني: هي لا إله إلا الله محمد رسول الله. وقال علي بن أبي طالب: هي لا إله إلا الله والله أكبر، وحكاه الثعلبي عن ابن عمر.
قال القاضي أبو محمد: وهذه كلها أقوال متقاربة حسان، لأن هذه الكلمة تقي النار، فهي {كلمة التقوى}.
وقال الزهري عن المسور ومروان: {كلمة التقوى} المشار إليها هي بسم الله الرحمن الرحيم وهي التي أباها كفار قريش، فألزمها الله المؤمنين وجعلهم {أحق بها}
قال القاضي أبو محمد: ولا إله إلا الله أحق باسم: {كلمة التقوى}. من: بسم الله الرحمن الرحيم.
وفي مصحف ابن مسعود: {وكانوا أهلها وأحق بها}. والمعنى: كانوا أهلها على الإطلاق في علم الله وسابق قضائه لهم، وقيل {أحق بها} من اليهود والنصارى في الدنيا، وقيل أهلها في الآخرة بالثواب.
وقوله تعالى: {وكان الله بكل شيء عليماً} إشارة إلى علمه بالمؤمنين الذين دفع عن كفار قريش بسببهم وإلى علمه بوجه المصلحة في صلح الحديبية، فيروى أنه لما انعقد، أمن الناس في تلك المدة الحرب والفتنة، وامتزجوا، وعلت دعوة الإسلام، وانقاد إليه كل من كان له فهم من العرب، وزاد عدد الإسلام أضعاف ما كان قبل ذلك.
قال القاضي أبو محمد: ويقتضي ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في عام الحديبية في أربع عشرة مائة، ثم سار إلى مكة بعد ذلك بعامين في عشرة آلاف فارس صلى الله عليه وسلم.

1 | 2 | 3 | 4